في زمن التواصل السريع، يبدو أن القدرة على الاستماع الحقيقي أصبحت نادرة. الجميع يتحدث، يعلّق، يعبّر، لكن القليل فقط يُنصِت. نحن نعيش في عالم يعجّ بالأصوات، ومع ذلك نفتقر إلى صوتٍ واحد بسيط: صوت من يستمع إلينا بصدق.

الاستماع ليس مجرد صمت أثناء حديث الآخر، بل هو فنّ يتطلب الانتباه، والتفهم، والرغبة في فهم ما خلف الكلمات. في كثير من الأحيان، لا يبحث الناس عن حلول، بل عن آذان تُنصت لهم دون أحكام.

ضعف الاستماع في مجتمعاتنا يؤدي إلى سوء الفهم، وازدياد الخلافات، وتراجع جودة العلاقات الإنسانية. فعندما لا يشعر الآخر بأن صوته مسموع، يبدأ بالانغلاق، أو بالصراخ. وكلاهما مؤشر على غياب التواصل الحقيقي.

وليس غريبًا أن يكون أعظم القادة والمعالجين والكتّاب… مستمعين بارعين. لأن من يُنصت بإخلاص، يرى ما لا يُقال، ويشعر بما بين السطور، ويفهم بعمق أكبر.

في عالم مليء بالضوضاء، يصبح الاستماع هدية. أن تستمع لشخص حتى ينتهي تمامًا من حديثه، دون أن تقاطعه أو تُجهز ردك… فهذا فعل من أفعال الحب.

الاستماع لا يكلّف شيئًا، لكنه يصنع فرقًا كبيرًا. فهل آن الأوان أن نسترجع هذا الفنّ الجميل، ونمنحه لمن حولنا بكرم وصدق؟